لا يُعد العالم الافتراضي عن الإنترنت هو محاولة الإنسان الأولى لخلق واقع جديد من مخيلته ونقله إلى أرض الواقع، فلقد هرع إلى المسرح والسينما هروبًا من الواقع وتعبيرًا عن مخيلته المزدحمة بالإبداع السمعي والبصري والروائي، وتأتي العوالم الافتراضية المتزامنة مع الذكاء الاصطناعي لتكون امتدادًا وتطورًا لقدرات الإنسان على التعبير عما يحدث في خياله.
وبأبسط الكلمات تعبيرًا، يمكننا وصف العالم الافتراضي على الإنترنت بأنه تمكين الأفراد من بدء تواصل اجتماعي ومعايشة صور ومشاعر وأفكار جديدة عبر الإنترنت، حيث يتم التواصل بين الأفراد اعتمادًا على رسومات ثلاثية الأبعاد أو رسائل نصية، فيما يتمكن كل شخص من اختيار الرسمة الرمزية التي تعبر عنه، فما هي حقًا تلك العوامل؟ وإلى أي طريق ستأخذ البشرية؟
كيف استفاد الإنسان من العالم الافتراضي على الإنترنت؟
ساهمت العوالم الافتراضية كثيرًا في جوانب مختلفة من حياتنا، وحققت المنافع لعدد كبير من الناس، ولا تزال تطمح للمزيد.
ومن أكثر المجالات تأثيرًا بايجابيات العالم الافتراضي:
مجال التعليم
لقد صب تقسيم المجموعات المُنشأة في العوالم الافتراضية إلى فئات عمرية في مصلحة التعليم.
فبالاعتماد علي الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان عمل مجموعات فصلية للطلاب والمعلمين حسب كل فئة عمرية.
تتيح كل مجموعة طرح المواد العلمية وتعزيز التواصل ونقل المعلومات بين الطلاب وعمل الدروس والمحاضرات.
وتهدف المجموعات التعليمية العامة للكبار الي استكشاف المعرفة الإنسانية مثل السكند لايف، ومجموعة المريخ الأزرق، والكون الانتروبيا، والعلوم.
إضافةً إلى مجموعة الكون التعليمي للعوالم النشطة، ومفتاح التراث وبناء السوربون.
وهذه المجموعات لا يقتصر دورها على طرح المعلومات الجديدة فحسب بل إشراك العقل البشري في البحث، وإعماله في الاستكشاف.
كما تعمل علي تحفيزه وتشويقه وإمتاعه بخبايا الكون ومخابئ المعرفة، وتمنحه الفرصة في تقديم مساهمته.
أما مجموعات الأطفال، فهي تدللهم بالألعاب الممتزجة بالمعرفة العلمية كالمواد العلمية للصفوف الدراسية مثل الجغرافيا والتاريخ واللغات.
وأحد أبرز هذه العوالم هو ميابيوبيا Miamiopia، والذي يعتمد على منح الطلاب عملات معدنية كمكافات على إنجازاتهم الدراسية.
يحصل الأطفال على نصيب وافر من المتعة وتعزيز التخيل عند خوض هذه الألعاب.
حيث تثير عندهم الفضول والتشويق للمتابعة، علاوةً على تشجيعهم على مقاومة القلق والخوف.
ولأن الأطفال بطبعهم يحبون اللعب والمرح، فقد أصبح هذا الأسلوب ملائمًا وذو فاعلية ممتازة في تعليمهم بدلاً من الورق والأقلام.
مجال الترفيه
يُعد الترفيه هو السمة الأم لهذه التجارب الفريدة، فهو يندمج بكل ما يحدث داخل العوالم الافتراضية، وإلى جانب ذلك، فإن لديك عوالم ترفيهية لتقفز إليها .. هل تهاب المرتفعات؟
تستحوذ العوالم الافتراضية حين تؤدي وظيفة الترفيه على كل حواس الإنسان بما تملكه من واقعية مفرطة.
ولقد تم تطوير العديد من ألعاب الـ VR التي تعتمد على النظارات الذكية لتملأ الحيز البصري للمستخدم بالكامل، مع الكراسي المتحركة التفاعلية التي يجلس عليها والتي تجعله يعيش تجربة أكثر حيوية.
ومع الألعاب، توجد عروض ترفيهية شديدة التأثير يمكن حضورها في جلسة فردية أو جماعية، وتختلف من حيث نوعها ومدتها،
وتتوفر هذه العروض الحركة والتشويق والمغامرة، حيث يستمتع المحترفين بضخ ابتكاراتهم في محتوى العوالم الافتراضية.
كيف يمتلك العالم الافتراضي على الإنترنت اقتصاده الخاص؟
في حين أن الواقع الافتراضي يستلهم معطياته من الواقع الفعلي، فإن الاقتصاد – بوصفه جزء من ذلك الواقع – قد وجد لنفسه مكانًا في زحام الرقمنة.
على أن المسألة هنا – وكعادة الاقتصاد – باتت شائكة نوعًا ما، وعلى كلٍ، فإن الاقتصاد يمارس نفسه هناك متمثلًا في العملات الرقمية أو العملات المشفرة وأشهرها البيتكوين.
ولقد نتجت العملات الرقمية عن محاولات كثيرة فاشلة بدأت في التسعينيات تزامنًا مع بدء التكنولوجيا المالية التي تمثلت في ديجي كاش وبينز.
وكان الفشل بسبب الاحتيال والصراعات بين الموظفين والمديرين، كما أن هذه النظم كانت تسعى إلى لعب دور الطرف الثالث الموثوق به.
لم يكن ذلك الأمر آمنًا للمستثمرين، ولذا جاءت البيتكوين، والتي دشنت نظام لا مركزي، أي عملة بدون سلطة.
وتمثلت اللامركزية في فريق مبرمجين لم يفصح عن هويته حتى اليوم، وأطلقوا على أنفسهم ساتوشي ناكاموتو.
ولكن لا مركزية هذه العملة تمثل مشكلة أخرى؛ لأنه لا توجد سلطة معها سجلات الارصدة والمعاملات، وتمارس سلطتها على المال بشكل واضح.
وهذا حَمَّل كل شخص يود الاستثمار من خلالها تلك المسؤولية، وذلك اعتمادًا على تطبيق للاستخدام العام يسمى “بلوكتشين“، وهذا يجعل بوسع كل مشارك أن يرى رصيد المشاركين الآخرين.
وبدون أن نستفيض في المزيد من التفاصيل المعقدة حول هذه العملة، دعنا نسلط الضوء على استخداماتها:
أشهر استخدامات العملات الرقمية
- التسوق الإلكتروني: يقبل الكثير من التجار التعامل بالعملات الرقمية في الوقت الحاضر بعد أن كان ذلك مرفوضًا في الماضي.
- التعدين: من خلال جمعها وبيعها مقابل الدولار.
- الاستثمار: يمكنك شراء عملة رقمية بيتكوين لتخزينها، وكافة البورصات اليوم أضحت تقدم خدمة محفظة البيتكوين بغرض الاستثمار بقيمتها في السوق.
- قبولها كوسيلة دفع: في حالة لم تكن مهتمًا بجمع البيتكوين أو الاستثمار فيه، فيمكنك قبوله – مؤقتًا – كوسيلة دفع من عملائك على أن تستثمره في المستقبل.
هل العالم الافتراضي على الإنترنت آمن للتعامل فيه؟
لم تكن البيانات الشخصية للمستخدمين آمنة 100% في أي وقت منذ إطلاق العالم الرقمي.
حيث كانت عرضة لهجمات القراصنة، والذين مارسوا سلوكيات مسيئة كالابتزاز والحصول على فدية مالية والسطو على أرصدة البنوك.
فلنكن صادقين، لم تكن إجراءات الحماية في مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات نقل الأموال والمحافظ الإلكترونية كافية لحماية خصوصية المستخدمين.
إلى جانب أن معلوماتك تكون مملوكة لهذه المواقع، والتي تبيعها لأغراض تسويقية كما هو مُعلن.
وينتقل بنا الحديث عن تطور العالم الافتراضي إلى الأمان (النفسي)، إذ إن مواقع التواصل الاجتماعي خلفت وراءها عدد كبير من الاضطرابات النفسية تبعًا لعدة دراسات بسبب الاستحواذ المُفرِط على الذهن.
وذكر عدد من المستخدمين أنهم قاموا بإرجاع جهاز العالم الافتراضي بسبب عدم شعورهم بالوقت، وأن هذا الشيء بوسعه السيطرة عليهم بطريقة غير صحية، فهذه إحدي أبرز سلبيات العالم الافتراضي.
وعمومًا تعمل المحافظ الإلكترونية على تأمين مستخدميها بالعديد من إجراءات الحماية والعمل على تطويرها لردع السلوك المسيء.
كما يمكن للمستخدم أن يتواصل مع خدمة العملاء ليبلغ عن محاولات التعدي على بياناته.
كيف يستفيد رواد الأعمال من العالم الافتراضي على الإنترنت؟
يمكن لرائد الأعمال الاستفادة من العالم الافتراضي بعدة طرق وهي:
المعارض التجارية الافتراضية:
وهي عبارة عن جولات تتم باستخدام روبوتات الحضور في العالم الافتراضي، وأحد أبرز هذه المعارض معرض هاستينجز.
حيث يمكن للمستخدم أن يتسوق في مئات الأسواق التي تبيع مختلف السلع، والالتقاء بالموظفين الذين يؤدون عملهم – في الحقيقة – من المنازل، وذلك لإتمام صفقات البيع والشراء.
المكاتب الافتراضية:
تنوب المكاتب الافتراضية عن المكاتب التقليدية في أداء مهامها، وذلك بوجود موظفين ومساعدين افتراضيين.
يستعمل الموظفون أجهزة متطورة تجعلهم يلتقون بالعملاء، ما يعد تطبيقًا لمفهوم خدمة العملاء عن بعد.
التعاون الجماعي الافتراضي:
تحاول تكنولوجيا العوالم الافتراضية أن تضم مبدأ التكافل الاجتماعي عن بعد.
فمجموعات العمل الجماعي في البزنس هي تلك التي تقدم دعمًا ماديًا لفكرة مشروع ما، ثم يتم تحصيل الدعم بعد تدشين المشروع.
وتلتقي الشخصيات الافتراضية (الأفاتار) وتتواصل فيما بينها في حضور افتراضي أكثر وضوحًا وتأثيرًا من مواقع التواصل الاجتماعي المعتادة.
العوالم الافتراضية عبر الإنترنت .. إلى أين؟
بالرغم من انه لم يثبت أقدامه في عالم المال، وأن الشريحة الأوسع من الجماهير تجده ترفيهيًا فقط.
بلغة الأرقام، يحقق العالم الافتراضي نموًا مطردًا منذ عام 2020 بعد جائحة كورونا.
فمع انه لا يزال في مهده، ويعاني من العديد من المشكلات، بلغت قيمة مساحة VR نحو 15.81 مليار دولار.
وبحسب أراء الخبراء، فإنه من المتوقع أن ينمو العالم الافتراضي بواقع 18% مستقبلاً.
وهذا ما يرمي دلائل حقيقية على أنه سيستحوذ على العديد من الوظائف في الحياة البشرية.
من ناحية أخرى، تقول دراسة لـ Statisa أنه بحلول عام 2030 سيكون لدينا حوالي 40 ألف وظيفة تمارس من خلال العوالم الافتراضية فقط في المملكة المتحدة، ما يعني أن الأنظار ستتجه إلى مطوري VR وAR.
الأسئلة الشائعة عن العالم الافتراضي على الإنترنت
ما هي العوالم الافتراضية؟
هي محاكاة الواقع الفعلي بعوالم موازية باستخدام الأجهزة التقنية المُخصصة لذلك، وخلق حياة اجتماعية بين الأشخاص الحقيقيين وتمثيلهم في شخصيات خيالية (أفاتارات).
ما هي الأنواع الثلاثة للواقع الافتراضي؟
واقع افتراضي متكامل، وواقع افتراضي محدود، وواقع افتراضي طرفي.
كيف يؤثر العالم الافتراضي على حياتنا؟
يقرب الواقع الافتراضي المجتمعات الإنسانية من بعضها البعض بشكل أكثر حيوية وديناميكية.
كما يجعل الناس يتجهون إلى أداء مهامهم العملية ويحصلون على قدر كبير من الترفيه من المنزل.
ما هي مميزات الواقع الافتراضي؟
للعالم الافتراضي فوائد إيجابية في جعل الإنسان يختبر تجارب جديدة، ويستثمر إمكانياته ويؤدي مهامه ويربح المال.
